Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

 

ينتقل النقاش الآن حول مأزق عشرين فبراير من المحادثات الخاصة التي كان تمنعها المجاملات النضالية من التعبير عن نفسها ، الى الساحة العمومية بعدما أصبح الجميع يعترف به و يشاهد الحركة في عنق الزجاجة.. كنا من السابقين إلى التنبؤ بذهاب الحركة الى الحائط رغم أنها كانت تحت تأثير الخذر الإعلامي الذي نفخ في جدوى التحالفات الهجينة وجعلها ليست ذات أولوية مادام الهدف الغير المعلن آنذاك هو إسقاط النظام بتكتيك مرحلي إسمه الملكية البرلمانية

نرى الأن نفس الوجوه و التنظيمات تستعد لتبديل الجلد مرة أخرى و تتحدث عن إعادة تأسيس الحركة، تريد أن تهرب كما فعلت المرة الأولى عن تقديم الحساب و تحديد المسؤوليات عن تحجيم الحركة و تحريفها و تغيير وجهتها الى الماضي عندما كانت تتجه الى المستقبل

يتحدثون بالخطاب العاطفي المعهود عن الإختراق، و هذا صحيح. لكن المخترقون الحقيقيون ليسوا المناضلين الذين يتم إرهابهم و إقصاؤهم بإلصاق بطاقات الخيانة و التآمر و البلطجة، لكن الإختراق الحقيقي هو الذي قامت به جماعة العدل و الإحسان عندما استعملت التقية السياسية لتحصل على دعم يسار ميت لم يعد يؤمن حتى بنفسه، للقيام بالزحف علينا..من اخترق الحركة حقيقة هو من اعتبر أننا أعضاء في جماعته و أننا جزء من غوائييها الدينين 

 في بيانها التأسيسي لحركة حرية و ديمقراطية الآن، الحركة الشوكة التي وقفت ولازالت تقف في حلق جماعة العدل و الإحسان، نعتبر أن هذه الجماعة  من إفرازات الأزمة و الفساد. ومن منطقنا الحداثي الليبرالي لا يمكن أن تكون الجماعة جزءا من الحل مادامت لم تؤد الثمن الحقيقي للإلتحاق بنا،  بتقديم مراجعاتها من داخل أدبياتها المرجعية و تقديم بالنقد الذاتي عن السبب الحقيقي الذي جعلها لم تساهم من بعيد أو من قريب في الحياة السياسية منذ نشأتها، اللهم المطالبة بالنقل و المنحة في التنظيم الطلابي الحداثي الذي تم السطو عليه بنفس الطريقة التي تم السطو بها على حركة عرين فبراير

من آمنوا بالحركة، كتمفصل جوهري في التاريخ السياسي المغربي، كان عليهم أن يقوموا بدل نقل عقم أحزابهم و تنظيماتهم إلينا ، أن يقوموا بنقل ديناميكيتها و هويتها الثورية إليهم من منطلق أننا اخترنا أن نعبر عن أنفسنا خارج مؤسساتهم و فكرهم كإدانة لهم بالإساس، وعلى ذلك بقومون بالإحتجاج داخل هذه الأحزاب و تثويرها بالموازاة مع الإحتجاج الأساسي على الدولة و مطالبتها  القيام بالإصلاحات الحقيقية تحت الشعار الجامع المانع : حرية و ديمقراطية الآن..لكنهم استغلوا نقطة ضعف  المناضلين الرومانسيين القليلي الخبرة و الحدس، و هم مكرهون تحت ضغط الموعد اللتظاهر ، لكي يقوموا باحتواء الحركة بأذرعهم التنظيمية و السياسية و الإعلامية و يتجهوا بها الى الشارع يفتح لهم المنافذ للظهور و مبارزة الدولة و تصريف الاحقاد السياسية على زمن الحسن الثاني

إذا كنا نتحدث عن ضرورة تأسيس جديد، فهو العودة الى حركة حرية و ديمقراطية الآن، و تكريس أولوية استقلالها الفعلي و ليس الصوري، و رفع يد الوصاية التي تسمى مجلس الدعم. هذا التاسيس يجب أن يقوم به الشباب المستقلون أنفسهم و على رأسهم المؤسسون الأوائل للحركة..ودعوة الآخرين المتحزبين الى العودة لمقراتهم للمطالبة بالديمقراطية الداخلية فيها، و عودة العدل و الإحسان الى نفسها تتمعن فيما يمكنه أن تعطيها تجربة عشرين فبراير من دروس و عبر بضرورة إحداث "القومة"  داخلها فكرا و ممارسة، إذا كانت تجد الحرج في الديمقراطية و الحداثة، التي هي شرط أساسي في هويتنا و دوافعنا لا تراجع عنه بتاتا

بعد أن نلنا النصيب الوافر الوفير من التهكم و الإتهام، يتبدوا لهم الآن كم كانت نظرتنا ثاقبة عندما اخترنا التحلي بالواقعية السياسية و الحكمة النضالية كي نجعل التغيير ممكنا في المغرب بأقل الخسائر، و بقليل من التمحيص يمكن للمتتبعين     أن يعرفوا أن الخطاب الملكي و الدستور الجديد كانا يجيبان عن البيان التأسيسي لحركة حرية و ديمقراطية الآن، بينما كانت باقي الأرضيات التي صيغت في المقرات فيما بعد، ترواح مكانها  غير معنية بالمستجدات لأنها توهمت أن المسيرات الملتحية  ستقوم  بالإطاحة النظام  الملكي ككل

الآن قبل أن تتلونوا في ثوب إعادة التأسيس، قدموا لنا الحساب أولا ؟  و قولوا لنا لماذا رفض المجتمع أن يلتحق بكم ؟ وهل كنتم تبحثون عن تحقيق المطالب للمجتمع ككل، أم تحقيق الوعد لواضع المنهاج الذي قال للغوغاء الدينيين في جماعته أن  حركتنا ما هي الا القومة التي وعدهم بها تأييدا من السماء ؟

الآن على اليسار الذي كنا نحترم حداثته قبل عشرين فبراير،  أن يقول لنا كيف اعتبر أن التغيير يمكن أن تقوم به تنظيمات نعتبرها جميعنا ظلامية، لا تمتلك مشروعا حقيقيا للحكم، و لا يمكن أن تكون سوى وجها آخر للديكتاتورية و خنق الحريات ؟. كيف يمكن للحرية و الديمقراطية كشعار  أصلي لعشرين فبراير أن يتحقق بجماعة لازالت لحد الآن تتفاخر علينا و عليكم بلا حياء بالمنهاج النبوي تربية و تنظيما و زحفا

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو : لماذا اختارت الحركة أن تبقى حبيسة الشارع و باقى واجهات النضال الواقعي فارغة يعيث فيها الفساد فسادا، و قال أحد الأشاوس بغباء أن الحركة هي للإحتجاج و ليست للإقتراح ؟ هل عدمية الحركة المتتالية اتجاه المستجدات النوعية التي حدثت، و فرص اللقاء مع الدولة و الحوار الندي معها التي سنحت، هي عدمية الشباب المغربي الملكي الحر، أم هي عدمية الأطراف الوافدة على عشرين فبراير؟

إذا كان المنطق المتسرع بحث عن الجماهيرية بالتحالفات الهجينة على حساب إهمال تدقيق الهوية المطلبية و الإقتراحية منذ البداية، فكان أولى أن يتبع الواقعية الصحيحة التي استعملتها حرية و ديمقراطية الآن، بالتحالف مع الملكية ضد الفساد، باعتبار أن الملكية تتوفر على شعبية مطلقة عند الجماهير و يمكن مقتضى هذه الشعبية ضمان التحاق المغاربة بالإحتجاج و ضمان التحاق الملكية طوعا أو كرها  بالمطالب الشعبية، و العزل التام  للفساد حتى يسهل محاربته

على خلاف جماعة العدل و الإحسان التي ظلت تحوقل و تهلوس في عزلتها منذ سبعينات القرن الماضي، استطاع حزب العدالة و التنمية استعمال هذا الخطاب الواقعي الذكي و برهن على براغماتية احترافية بدعمه المطلق للملكية مع ترك نافذة الإغاثة مفتوحة على الشارع عبر تيار الرميد ومن معه. و استطاع إحداث التأثير القوي في معقل الملكية، إبان إعداد الدستور ، عندما وقف ضد  بنود "حرية المعتقد" في الدستور، بينما القوى الحداثية مشلولة عن الممانعة، يا حسرة،  لأن في كرشها العجينة عندما اختارت أن تحالف من قبل مع العدل و الإحسان في الشارع

حزب العدالة و التنمية  يشكل الوجه الآخر لإستعمال الدين في السياسة، و هو بذلك يشكل المرآة الخلفية لجماعة العدل و الإحسان، مادامنا لم نسمع هذا الحزب  يدينها بوضوح على قاعدة أنها جماعة غير وطنية و غير ملكية. إلا أن هذا الحزب عرف كيف يحمي نفسه من القصف و ينتزع الإحترام اللازم من الفرقاء، بالإلتصاق الدؤوب بالثوابت الوطنية، الشيء الذي مكنه من التغلب على حملات الإقصاء التي كان يتعرض لها، وبذلك يعطينا دليلا آخر على فعالية الواقعية السياسية في النضال

 حركة حرية و ديمقراطية الآن زلزلت النظام السياسي بجرأتها و طبيعتها الوطنية، و زلزلت أيضا الأحزاب و التنظيمات باستقلاليتها و تحميلها لها نصيبها من المسؤولية عن الفساد و تردي الأوضاع، فكان التحاقها المتأخر بالحركة هو انتقام في طبيعته، لأن هاته الأحزاب و التنظيمات لم تغفر لنا أننا سحبنا البساط من تحتها و هددنا قصورها النضالية،و كشفنا على عقمها و خوائها النضالي، مما جعل التحاقها  نفهمه الآن على أنه تحريفي جاء للجم حتى لا نتمادى في مطالبتها هي أيضا بالحرية و الديمقراطية الآن


رشيد عنتيد

مؤسس حركة حرية و ديمقراطية الآن

29.07.2011 

Retour au pays

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :