حرية و ديمقراطية الآن هو عنوان أساسي يقبض على شروط التغيير المتمثلة في الحاجة الى الحرية كحاجة طبيعية و ضرورة
إنسانية فردية، و الديمقراطية كفكر و منهج فعال في إدارة الشأن العام ، و مصطلح الآن يقبض على جوهر الإحتجاج باعتبار المطالبات هي آنية و لم تعد تحتمل التأخير، و يجعل المحتج في درجة المساواة مع من هو
مفروض منه الإنصات للإحتجاج و الإستجابة ..
في النموذج المصري اعتقد الأصوليون أنهم يمسكون بكل الخيوط للقيام بالتنزيل العملي للمشروع الديني المسمى ب " النهضة" و اعتقدت هذه
القوى أن حصولها على مشروعية انتخابية كافية للمرور الى السرعة الموالية..و دلت الأحداث الموالية أن الفعل التغييري لا يتمثل فقط في الثورة كرد فعل جماعي ضد الإحتباس، و لكنه مد قنوات الثورة الى مؤسسات
الدولة و مؤسسات المجتمع، و هي مهمة جسيمة لا يمكن لطرف واحد القيام بها و لا تحمل تبعاتها..
في المغرب بسياقه الثوري المختلف نتوفر على عوامل متعددة قد
تيسر استمرار المجهود التغييري حتى نتمكن من اختراق حصون مقاومة التغيير ، نتوفر على إجماع على شكل الدولة باعتبارها ملكية برلمانية اجتماعية، تقوم الملكية فيه بدون صمام الأمان و مرجعية للتحكيم و
الترجيح، لكن الملكية لم يعد في مستطاعها أن تتحمل لوحدها عبء و نتائج المجهود التغييري..
و الشرط الذاتي بإحداث تغيير في بنية الملكية تحقق منذ
المصادقة على دستور 2011، و هو دستور يبقى على كل حال قابل للتأويل الديمقراطي في أفق تقعيد ثانوي لاحق يؤصل للممارسات الديقراطية التي ستنبثق منه، و هي ممارسات تحتاج الى إعادة تأهيل المشهد الحزبي و
السياسي، و تخريج نخب سياسية جديدة لا أحد يستطيع تخريجها بالطرق التقليدية التي كانت تعتمد على نوع من الأبوية و الوصاية، لكنها نخب يجب أن تولد نفسها بنفسها من منطلق المسؤولية الجماعية في إحداث
التغيير..
يبقى الشرط الموضوعي المرتبط بالمجتمع حالة جدلية مفتوحة على
كل الإحتمالات و ممتدة في الزمن بفعل تداخل المصالح و تعدد الهويات و مراكز الضغط و المقاومة التي تعمل جاهدة على الحفاظ على مصالحها بالتمركز مباشرة في خانة العداء للتغيير، أو بالتمركز من داخل شعارات
التغيير دون إرادة حقيقية و تعمل بمنطق التخريب من الداخل و الإفشال و التشويش، و هذا الشرط الموضوعي يقتضي من كل القوى الحية التوحد حول اجتياز إكراهاته و الوعي بمخاطره على المستقبل السياسي للبلد
ككل.
هذا المجهود يقتضي من الفعاليات المستقلة التي ناصرت الحراك
الشبابي كما كان نقيا في بداياته، أن تترك جانبا الرهان السهل على الشارع و تعمل بشكل موازي مع الشبيبات الحزبية الأخرى على إحداث التثوير في الأحزاب الموجودة، لنتمكن في المدى المتوسط من إفراز طبقة
سياسية ذات مرجعيات و توجهات واضحة قادرة على إحداث تناوب حقيقي في الحكم و الإدارة و تساهم بشكل عملي على ابتداع الحلول و التسويات اتجاة معيقات التنمية البشرية و تحديات المرحلة الآنية و المرحلة
القادمة..
-------------------
رشيد عنتيد ، مؤسس حركة عشرين فبراير