الكثيرون لا يعرفون جماعة العدل و الإحسان، سوى ما تعلنه عن نفسها من استعمالها للدين، تفهمه على طريقتها كي تزكي نفسها ، تطل على المجتمع من الفراغ تريد هدايته من الضلال ، تبشر بالخلافة على منهاج النبوة في زعمها، وتجرب كل الطرق المؤدية إلى القومة، و القومة عندها هي أن يكتشف المغاربة، يوما ما، أن مجتمعهم هو مجتمع ضال و أن الجماعة المباركة ستقوم آنذاك، مشكورة، بهدايتنا الى الطريق المستقيم.
جربوا كل الطرق و تلونوا بكل الألوان، و أعلنوا الحرب على الدولة و تباكوا بأنهم الضحايا، و استعملوا حتى الأحلام يرعبون بها الناس. قالوا، بدون خجل، بأن هداية المجتمع وشيكة رآها، في المنام، الشيخ المقدس المتعب من الإنتظار ، و رآها الأتباع المسحورين من بعده، في المنام أيضا، إخلاصا لسنة العمى و الإتباع.
في الجامعات و الأحياء، يعيشون منعزلين عن المجتمع،لا يواكبون المتغيرات، و لا يريدون، لأنها لا تتماشى مع ما هو مكتوب في وصايا الشيخ. ينقبون في كتب الأجداد القديمة ، و يتلذذون بعافية الإستقالة من الإنتماء الى الوطن، يستقطبون اليافعين في البيوت المتسترة، يرددون عليهم تعاليم دين مبتكر مفصل على المقاس، يحثون الأتباع، المسلوبي الإرادة، على الإيمان بسلبية انتظار الفرصة المزعومة، التي سينتصرون فيها على من لا يتبع خواطر الشيخ الخالد، الذي لا يأتيه الباطل لا من مجلسه الإرشادي ، ولا من أبنائه المتخصصين في المصادقة على الأحلام.
متمرسون في فنون إخفاء المقاصد، ظهروا لنا فجأة في أواخر فبراير الماضي، يعرضون للبيع جماهير الأتباع المستعدين للإندساس، و خبرتهم أكيدة في مسيرات استعراض العضلات الكمية . ببراءة الذئب المتربص بالفريسة، راهنوا على شباب الفيسبوك المستريح في تدينه المعتدل، يسموننا في مجالسهم شباب القطيع و ذهنيتنا ذهنية القطيع . يعدلون، بدهاء، نبرة الصوت المبحوح، يستدركون اكتشافهم المتأخر بأنهم كانوا من زمان على هامش الأحداث و أنهم كانوا هم القطيع.
فجأة ظهر عندهم القطاع الشبابي، وبدؤوا ينشرون البيانات في الفضائيات المحرضة و المواقع المؤمنة، لسان حالهم المخفي يقول: لقد جاء موعد القومة و صدق شيخنا الحكيم. متطفلين في النوايا الحسنة للشباب الجديد، مستغلين عفويته و تسامحه.ولما قام قائم منهم حليق اللحية، يسمي نفسه القائم بأمر التدوين في المغرب، يضبط الإيقاع لحسابهم، ضنوا ، و اللعاب يسيل، أنه وقت الجهاد في سبيل الله، وموعد قيام الدولة الإسلامية المظفرة.
الشباب الذي قرر الإحتجاج على الفساد و المطالبة بالديمقراطية و الحرية، ارتكب الخطأ الفادح، بتهاونه في مطالبة العدل و الإحسان بالإفصاح عن موقفها من الثوابت الوطنية، والجماعة من جهتها سكتت فرحة عن واجب الوضوح، لا تريد أن تقول للشباب الفيسبوكي أنها لا تؤمن لا بالملكية في الحكم و لا بالدمقراطية في السياسة و الفكر، ولا بالحرية في الإعتقاد و الإختلاف.
الرهان الغير المعلن للجماعة بتوريط المغرب في مستنقع الفوضى فشل في الأخير. الآن العدل و الإحسان مرغمة أن تقول لأتباعها و لكافة المغاربة المتعايشين معها، بأنها تعاني احتباسا فكريا و سياسيا لأنها تستعمل الدين ضد المغاربة، و أن رغبتها في تحرير نفسها لا يجوز أن يكون بوسائل التدليس المحرمة أخلاقيا.
مر يوم 20 فبراير، و أكدت الإحتجاجات السلمية، رغم من اندس و امتطى، ومن حرض على الشغب، أن المغرب معافى مما ابتليت به بلدان الجوار من داء التعسف و الكبت السياسي، وتأكد الجميع أن الوقت قد حان للقيام بجولات أخرى، ضرورية، من الإصلاحات و التغييرات ، بعمق أكثر، لتنظيف المغرب من الفساد و استغلال النفوذ و الرشوة و احتكار الثروات، و كل الظواهر السلبية التي تكلف المغرب غاليا في سرعة تحوله الديمقراطي.
الغاية لا تبرر الوسيلة، و شباب المغرب المستقل لن يكون، من الآن فصاعدا ، وسيلة لأي كان،.ولا قنطرة للعبور و لا فزاعة للتخويف، و السلام يا عبد السلام.
04/03/2011