الملكية نظام سياسي ملائم استطاع الاستمرار عبر التاريخ. النظام الملكي في إسبانيا كان حاسما في تحول الدولة إلى الديمقراطية مثلها مثل ملكيات بريطانيا و هولندا و استراليا و بلجيكا، تتطور بتطور حاجيات المجتمع و تستمر في تمثيل إرادتهم في العيش المشترك
عندما نقتنع بجدوى فعالية العقد الاجتماعي كمؤسس إرادي للدولة الحديثة ، نجد النظام الملكي يعبر بشكل واضح عن رغبة الأفراد في تفويض ممارسة السلطة إلى أفراد منهم،و يحد من سلبيات التنافس على السلطة بشكل لا يطال التعبير الأسمى عن الأمة ولا وحدتها.
العلاقات السياسية هي علاقات إنسانية قبل أن تكون صراع مصالح، بمعنى أن الثقة هي العامل الرئيسي في علاقات ناجحة، و هي أيضا العامل الهش، لدخول العلاقات السياسية في دوامات المناورات و تأجيل الحوار و التفاوض الجدي المباشر. العلاقات بين القوى السياسية تكون ناجحة إذا تم التوافق في المصالح في إطار الثقة المتبادلة النهائية.و الثقة لا يمكن أن تكون إلا باعتراف حقيقي متبادل ، و تحديد تفاوضي لمساحات الفعل السياسي، بما تقتضيه ضرورة حماية سفينة المجتمع و تحقيق التطور مع بقاء الدولة
في المغرب، الملكية تلعب الدور الحاسم ، الذي لا يقدره الكثيرون، في توحيد المغاربة و ضمان استقرارهم، رغم أنها تحملت على عهد الحسن الثاني عبء تركيز السلطة و هي تحكم مجتمعا خرج للتو من الوصاية الأجنبية. الحكم المباشر كانت له نتائج وخيمة، بدخول الملكية، في عهد الحسن الثاني، في صراعات طاحنة مع توجهات راديكالية تنازعها شرعيتها التاريخية، من العسكر الانقلابيين، إلى اليسار الجذري، بشكل و انعكس سلبا على المجتمع، و على الفرص المهدورة و الوقت الثمين في التقدم و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية
المتغيرات في تونس و مصر لم تنتهي بعد، كي نقيم النتائج و نتحقق من النجاح الفعلي للتغيير، الآن نشاهد النخب تستمر في مداهنة الناس بفعل قداسة الثورة و ثقل الموتى الشهداء، نخب تجاوزتها الأحداث و تمتطي صهوة غضب الأفراد، ولا تمتلك الجرأة الكافية كي تقول بمقتضى الحياد المعرفي، أن تطور المجتمعات يحتاج إلى مجهود الأفراد المدني و انقلابهم على أنفسهم و أفكارهم، حتى يكون للتغيير السياسي مفعول مباشر على تطور حقيقي المجتمع ككل
من حقنا أن نتمسك بالموضوعية القاسية ونتساءل : هل سيؤدي تغيير الحكام إلى الإقرار بالديمقراطية و الحرية في تونس و مصر و ليبيا، أم أنه فقط سيحمل أشخاصا انتهازيين جدد إلى الحكم ليقوموا بالحكم بنفس الطريقة القديمة، و يعيدون إنتاج نفس مظاهر التخلف و الاستبداد. ليعود الشعب في الأخير خائبا إلى يأسه القديم؟.
ثم دعونا نتساءل بشكل مدوي أيضا: لماذا تحدث الردة بعد ثورات التغيير ؟
رشيد عنتيد
01.03.2011