أعرف أن مواجهة البياض معركة خاسرة، لكنها حياة اختارتني من بين آلاف المحارات التي تمردت على اللؤلؤ المكنون . قلت لها يوما : الحياة ذات مهزومة في مقبرة الوجود ، و الحياة عند الأخرين مزركشة بالوعود، و الشيك على بياض مرفوع الى الرب في خشوع، و الملائكة مصطفون بالورود ..
سألتني : هل تعرف القيثارة أنك مصدر الأنين، و جرح أوتارها الثكلى بين الأنامل هو العويل المنخور بالدود في مسامع المرتلين في الأوج المحفوظ..قلت لها : الحب يغسلنا من الغربة يا حبيبتي ، فالحب عندنا نحن الحائرون ، أن يكون لتشضينا معنى لم يوجد في تلافيف البقاء..
الحب لم يكن قصدا مقصودا للفرح المتوهج ، بل هو أنثى أزلية نعود إليها مثقلين بالهزائم على صهوة المعارك من غارات الدهر و قلق السؤال..قالت لي : شيء ما ليس على ما يرام..و ما يرام لا ندري ما هو... من هو على ما يرام لغز مخفي في سدرة المنتهى، و أوصانا المبعوثون من حضرته ألا نزعجه بسؤالنا، فهو مشغول منذ ستة أيام يعد الحلوى للأطفال الفائزين في الإمتحان..
قالت لي قوقعة البحر و هي مهشمة في سفح المهاوي ، شعرك مرفوض يا رشيد، و كل ما عليك فعله أن تقول "حطة" فإذا قلتها انفتحت لك أبواب المشيئة المخلصة للحائرين، الهامة الشماء التي لم تلد و لم تولد و لم تكن في يوم ما ضد الأنام...ثم قالت لي : لا تتعب نفسك بالطواف بين المويجات، فالحورية الوحيدة المتبقية من عصر الماء انتحرت منذ سبعة أيام لأن فيل البحر خاصرها عنوة في المحيط الهادي..
قلت لحبيبتي: هل أهديك محارة تسمعين في جوفها عويل الحوريات..قالت لي : اهديني بدلا عنها معطفك الأسود أستدفئ به من برد المساء..
فناديتها من تحتها أن هزي إليك بجذعي تساقط عليك قردة المكاك.. و افترقنا على موعد أخر في غروب الرابع و العشرين من شهر مارس في مكان تنتحر عنده الحيتان......
رشيد عنتيد
18.03.2012