الخطاب الملكي الأخير وضع النقط على الحروف و قذف الكرة بعيدا فى ملعب الجميع، مضحك أن بعض من تلقوا الكرة اكتشفوا أنهم لا يحسنون اللعب بها، فيكون رد الفعل أن يعيدوها، عمدا، الى الشرط، و يتقاذفونها بأيدي و أرجل فاشلة، و يتساقطون متعبين على أرضية الملعب..حسنا اسمعوا الآن يا من تحملون جميعا رقم 20، الأصليون و الزائفون: لماذا لا تعودون الى مستودع الملابس أو تقرروا أن تجلسوا جميعا على دكة الإحتياط ، أو في مدرجات المتفرجين، لستم وحدكم في الملعب، الملعب يملكه الجميع و هناك فرقا أخرى تريد اللعب سليم و احترافي....لماذا تعاندون منطق اللعب السياسي تصرون على أنهم اللاعبون الأصليون، لقد تم تغيير قواعد اللعب يوم 09 مارس.. من فضلكم نريد مقابلة نظيفة و فرجة ممتعة
هؤلاء الذين لا يريدون إلا ما لا يقولون ، هل يستطيعوا أن يقولوا للناس ماذا يريدون بالتظاهر الآن، أم أنه انكشفت عوراتهم بعدما قد تفرق الشباب السليم النية من حولهم، هل يستطيعون أن يخرجوا من القواقع لكي يروا المغرب كما هو، و ليس كما قالت لهم نبوءات ماركس المندثر أو ياسين الحالم، أم أن النضال عندهم لا يكون إلا بالتناطح الأجوف، عوض التوافق و المشاركة و الضغط الإيجابي من داخل مشاريع التغيير.
نعرف كم يكون صعبا أن يتخلى أفراد عن مفاهيم الصراع و العنف الثوري لأنهم تغذوا عليها طويلا في كتيبات الحقد الحمراء، و نعرف قسوة أن لا يكون للجدلية مادية في السياق المغربي الحالي. نعرف أيضا كم يكون صعبا أن يفصل المتحلقون حول نقيب الدائرة و الأسرة في جماعة العمى و الإحسار، بين روحانية العبادة، و بين هوس الشيخ بمنهاجه الذي أكله السوس.
يروق للبعض تسويق خطاب مغلوط بين الناس، و يدسون نواياهم المبهمة في ما يعيشه المغرب من تعثر اقتصادي و اجتماعي، يستهدفون تقويض نظام الحكم و بلبلة الناس و خلط المفاهيم..عليهم أن يلقوا نظرة الى ما يحدث في ليبيا كي يعرفوا أن المشكل لم يكن اقتصاديا و اجتماعيا بحثا، و لكنه مشكل مشروعية حكم و خنق للحريات، و الحال في المغرب أن الحكم له مشروعية تاريخية وشعبية، و أن مجال الحريات أوسع بكثير مما هو عليه عندهم، و فوق ذلك و ليس عندنا من الموارد الكثير كما هو عندهم..لذلك فالمقارنة تكون باطلة مع وجود الفارق كما يقول المنطق البسيط
في المغرب كانت العلاقة بين المجتمع و الملكية قائمة على وعي عميق بحاجة كل طرف الى الآخر..هذه العلاقة كانت تتعزز و تتراخى حسب طبيعة التحولات و التفاعلات التي كانت تتم، و حتى التآمرات (انقلابات العسكر نموذجا) التي كانت تؤدي، مع الأسف، الى تأزيم الثقة المتبادلة و تؤدي بالتالي إلى حدوث الأخطاء و التجاوزات. لم يكن للمجهود الشعبي في نضاله ضد الاستعمار أن يثمر لو لم يحدث ذلك التحالف بين الحركة الوطنية و الملك محمد الخامس، نفس الأمر حصل مع الحسن الثاني في معركة استرداد الاقاليم الجنوبية من الإستعمار الإسباني، نفس الأمر يحصل الآن مع محمد السادس الذي تفاعل مع رغبة المجتمع في إحداث تحولات عميقة في شكل الدولة و المجتمع.
في كل عمليات التحول، ، يتم إحداث القطيعة مع شكل البنية القديمة،و القطيعة ليست ضربة مقص و لكن بتطور متوالي بسرعات مختلفة، مرهونة أساسا بعامل الثقة و توحد الرؤى، ويتم الشروع في التحول من البنية نفسها الى البنية الجديدة، بالمجهود اللازم و الصبر المفروض، و الوعي بصيرورة التحول في الزمن..هكذا تفعل بعض الكائنات و هي تتحول من شكل الى آخر أو تغير جلدها الذي سكنت فيه،وعندما يضيق عليها تتحول الى آخر أرحب يستوعب جسمها الجديد. و حدهم العدميون، من يريدون التحول بضربة المقص أو الحظ، وحدهم الخرافيون، من يريدون التحول بعصا هاري بوتر، لانهم يعرفون أن ما يقترحون يحتاج الى البهارات للتهييج و القصد هو تغييب السؤال عن المنطلقات المسكوت عنها
رشيد عنتيد - سبرتزاتا
عضو مؤسس لحركة حرية و ديمقراطية الآن، بالمغرب
15.03,2011