لم تكن أماندا تحب ليالي سكري الطويلة عندما تهزمني الأحزان الرمادية طيلة شهور الشتاء. كانت تحدثني على الهاتف لساعات و أنا أشعر بنفسي في بئر عميق..كانت تأتي فجأة و أعرفها من طرقات يدها الصغيرة التي تشبه نقرة عصافير الدوري على الزجاج..يكون قد فات الأوان أن أجعل المكان لائقا لها و أترك مخلفات أسبوع من السكر العارم أمامها كالفضيحة..
فلا أتذكر أن أماندا زارتني الا في صباح الغد. أجلس على حافة السرير لدقائق أبحث في رأسي عن سبب يؤكد لي أنها جائت فعلا و أنه لم يكن حلما مختلطا بآثار الكحول..أواصل التحقيق بين ثنايا ذاكرتي السكرانة و أنا أبول بولي القاتم..عندما آخرج من المرحاض أشاهد ولاعتها الذهبية على جانب النافذة و أتذكر أنها وقفت البارحة أمام النافذة و أخرجت سيجارتها الرقيقة البيضاء الموشومة بالأزرق و دخنتها و هي تغمغم و تنظر الى وجهي المنعكس أمامها في الزجاج..
أماندا تكون جميلة و هي تحاول أن تكون لطيفة و مشاعر الغضب تتدافع داخلها لأنني لم أتصل بها منذ شهر و نصف. تقول لي كلمة عتاب جارحة و تنظر إلي مطولا و هي تحكي لي تفاصيلها الكثيرة عن العمل و عائلتها و كلبها الكانيش الصغير الذي اختفى في ركامات الثلج و مات..
لم أكن هناك و قد احتاجتني أن أنقذ كلبها.. الآن و أنا غارق في الثلج الرمادي عرفت أن لها كلبا كبيرا هو أنا يوشك هو الآخر أن يختفي تحت زجاجات النبيذ الفارغة..
- رشيد عنتيد
26-11-2015