/image%2F0969857%2F20140704%2Fob_e9641e_image.jpg)
الوقاحة مقبولة من هواة السياسة المأخوذين بالحماسية و الأضواء لكنها غير مقبولة مما يسمى فيدرالية اليسار و قياداته، لا يفتحون أفواههم الا من أجل إصدار جعجعات فارغة صادرة عن " قلة ما يدار " أكثر مما تعبر عن مواقف مسؤولة يفترض في أصحابها أنهم يؤطرون الشأن العام. الوقاحة التي تتكلم من الفراغ هو اعتراضها على نشاط الملك الرمزي اتجاه الفئات المعوزة في رمضان..
تنظيمات يسارية حرفتها الشعارات الكبرى من قبيل الملكية البرلمانية لكنها بالمقابل لم تفعل أي شيء من جهتها كي نصل الى هذا الحلم.. في مجالسهم الخاصة لا يستطيعون إنكار أن الملكية فرضت شرعيتها بقواعد لعب جديدة تستحق الكثير من التوقير و الإحترام، الملكية تحسب لها إنجازات و تضحيات كانت بوثيرة ضعيفة على عهد الحسن الثاني و بوتيرة متسارعة على عهد الملك الحالي .. أعترف أن أهم منجزات هاته التنظيمات هي تحالفها العظيم مع قوى الظلام و الرجعية في عشرين فبراير..
وفق النموذج الليبرالي الناجح في تنظيم الدول و المجتمعات الدولة تبقى محايدة و غير مسؤولة عن الفقر الا في حدود احترام المساواة القانونية و الطبيعية التي تمكن الأفراد من الولوج الى الخدمات الأساسية، و كذا توفير تكتلهم للوصول الى القرار السياسي و الإقتصاي كنضال عام لتعزيز شروط الرفاه الفردي . الدولة دورها الحقيقي حراسة المجتمع و التوازنات الكلية، و تدخلها المباشر لا يكون الا في أوقات الحروب و الكوارث و الأزمات الكبرى..
هو اقتراح جميل المطالبة بالتوزيع العادل للثروات و لا أحد يعترض على شعار فضفاض، الاعتراض الوحيد هو التسويق السياسي الخادع للمفاهيم المستمدة من التجارب الرائعة للكولخوزات و السوفخوزات عندما وزعت الإشتراكية العلمية الفقر و القهر بالتساوي بين المواطنين السوفيات و أبناء أوروبا الشرقية..التوزيع العادل للثروات لا يكون بتدخل ملعقة الدولة المباشر في الأفواه، التوزيع العادل للثروات يبدؤ أولا يتكريس قيم الإنسان المجرد العقلاني الحر ، و بعده انشطار السلطة بفعل ترقي المجتمع و تقوية الطبقة الوسطى، هذه الأخيرة تقوم بدور عرقلة الإحتكار و تكدس الثروات في يد الأقلية الغنية.. التوزيع العادل للثروات هو محصلة جهد هيكلي جماعي تشاركي لا تساهم و لم تساهم فيه هاته التنظيمات اليساروية سوى بالعويل الإشتراكي الموحد المستمد من التراث السوفياتي الفاشل..
بالمناسبة، قال عبد الله الحريف الذي يقدم نفسه كمطبق للماركسية العلمية و مجتهد عارف في التراث الإشتراكي أن جماعة العدل و الإحسان معطى واقعي، يبرر بذلك تحالف عشرين فبراير.. يقصد بذلك أن الجماعة الداعشية هي كم عددي مهم يمكن أن يدخل في المعادلة الطبقية التي تنتج الواقع الثوري المؤدي الى إسقاط النظام و قيام الجنة الشيوعية.. المخزن بمنجزاته و إكراهاته لم يعتبره الخريف معطى واقعي وفقا للتحليل الماركسي العبقري المنفتح..نفهم من ذلك أن المخزن لم يخضع للديالكتيك التاريخي بينما طفل صغير قادر أن يخبرنا أن خير من طبق الجدلية المادية التاريخية و تكيف و تنازل و حافظ على وجوده منذ قرون طويلة هو المخزن نفسه..في الخقيقة على اليسار في المغرب أن يتواضع و يقبل أن يتعلم من المخزن عوض أن يحاربه، فدونكيشوط بسبب أوهامه المستعصية لم يستطع هزم طواحين الهواء..
المخزن عند اليسار يشكل عقدة أوديب التي تبرر عدم تحقق الأمل الشيوعي و تبخره مع غبار جدار برلين..سبب البقاء عند هذه التنظيمات بعد انهيار سبب الوجود المرجعي هو المخزن، و لا شيء غير المخزن..و مادامت الجماعة الداعشية لا تحب المخزن فهي بالتالي حليفة في الحقد، حتى و إن كانت منظومة تفكيرها تعود الى حقبة ما قبل ظهور الإنسان على وجه الأرض، منذ تاريخ سحيق يعود الى حقبة التكدس العظيم في ظهر آدم عندما اعترضت الملائكة على نزولنا الى الأرض عقب انقراض الديناصورات..
من حق اليسار الراديكالي ألا يكون طرفا في أي تعاقد مجتمعي و الإكتفاء بالتفرج و البكاء، و أحزاب قزمة بضع قيادييها المستريحين في المقولات القديمة يعيشون الرفاه في الريع السياسي بين أحضان بضع أتباع لا يزالون يعتقدون في ظهور المهدي الماركسي المنتظر.. سنسجل للتاريخ، بكل آسى، أن التعاقد الوحيد الذي أبرمه اليسار الراديكالي كان هو مع القوى التي قتلت بنعيسى آيت الجيد و المعطي بوملي و عمر بنجلون..
رشيد عنتيد
03-07-2014