الألم ليس وضعية غير أخلاقية، و اعتباره وضعية غير أخلاقية بالنسبة للذات المتألمة هو ما يجعله وضعية غير مقبولة تثير فينا
المشاعر السلبية من الرفض و الحنق و الأسى و الحسرة
الألم وضعية طبيعية ناتجة عن وضعية غير طبيعية بغض النظر عن مسؤولية الذات في تواجدها في تلك الوضعية أم لا، لكنها وجوديا هي موجودة زمنيا ومكانيا في تلك الوضعية و بالتالي فهي قد مسؤولة بشكل أو بآخر..هل هذا هو القدر خيره و شره كما يقول الدين ؟.. هل يمكن أن نفهم لماذا لا نشاهد كثيرا من الأسى على وجه الظبية و هي في فم الأسد ؟ ..هل الحزن هو شعور بشري زائف ؟
الألم الجسدي يعتبر حافزا لتصحيح الوضعيات الغير الطبيعية، فيكون من غير المقبول و المضحك أن نعتبر أن ألم الحريق أو ألم الأسنان أو ألم المعدة وضعية غير أخلاقية..بنفس المنطق الجسدي فالألم النفسي الوجودي هو حافز لتصحيح الوضعية الوجودية للإنسان باعتباره روح تقوم بدور ما بواسطة أجسادنا...هل لهذا السبب لا نحب الإنتحار و لا تحبه الأديان ؟
الروح خالدة، و الجسد ليس سوى غشاء و تمظهر مادي لها، فالروح على ما يبدو هي متحولة و متطورة تخرج من الجسد و تواصل مشوارا ما ، بحكم أننا نشاهد في الكون أن لا شيء يضينع و كل شيء يتحول..
وبما أن الكون دائري في كل تفاصيله فهذا يجعل الدائرة ليست فقط شكلا هندسيا و فيزيائيا ، بل شكلا وجوديا أيضا..فلابد أن الروح تتخذ مسارا دائريا عبر محطات متتالية و متعاقبة تبحث عن التطور نحو الأفضل أو الأرقى، فالروح ستكون حتما تطورية، و في كل وضعية وجود جديدة يتعين لها أن تحصل على العناصر المفيدة لها كي تتحول في وجودها المقبل إلى وضعيات أرقى..هل مفهوم الذات و الأنا هو وهم ؟
لاشك أن هناك نوع من الأرواح الراقية جدا في هذا الكون، وبذلك فاحتمال وجود أشكال أخرى من الكون غير هذا الذي نعرفه وارد جدا، وفي نفس الوقت قد تكون هناك أرواح متدرجة في سلم التدني، و سيكون من المحتمل أنه لا يمكننا معرفة ماهية تلك الأرواح الراقية و لا عالمها إلا بالترقي الفعلي و التواجد معها في نفس عالمها..هل هذا ما فعله الشيطان عندما أصبح من الملائكة بالترقي (العبادة) كما تقول الأديان ؟.. وتدنيه من مرتبة الملائكة منطقي وفق هذا التحليل ؟..قد تكون الآلهة من صنف هاته اللأرواح التي حققت درجة مطلقة من الكمال فتبدو النظرية الدينية في شموليتها صحيحة نسبيا، و قذ تكون مفاهيم الجنة و النار هي وضعيات للأرواح حسب درجة ترقيها، لكنها وفق هذا التحليل لن تكون وضعيات نهائية، و ستكون إمكانية الترقي أو الإنحدار دائما ممكنة، واحتمال انحدار الآلهة ممكن أيضا..
لابد أن خروج الروح من الجسد هو موعد الإنتقال أو "إعلان النتائج" بالنسبة للروح التي تعمل جاهدة أن يطول بقاؤها في تلك المحطة لتحصيل عناصر الترقي ، هل هذا ما قد يفسر حبنا للحياة و للبقاء و صراعنا الغريب من أجل ذلك ؟.. ودرجة الكمال و الميزات التي استطاعت الروح الحصول عليها هو ما يرهن شكل وجودها المقبل الذي يبدو أنه ليس بالضرورة أن يكون بشريا..فالكون بأكمله في حالة تحول و ترقي و تدني.. هل هذا ما يقول علماء الفيزياء أن الكون يتمدد بشكل دائم ؟
رشيد عنتيد
15.08.2011